منتدى سربيون الثقافي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

تـجـارة مُــهلكــة من وردان

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

تـجـارة مُــهلكــة  من وردان Empty تـجـارة مُــهلكــة من وردان

مُساهمة من طرف zahran السبت أبريل 05, 2008 5:55 pm

حدث ذلك ذات ربيع ، منذ وقت طويل ، طويل ، في المدينة.
أقبلت سيدات من عائلات "شندرا" البارزة وبناتهن للاستمتاع بمشهد افتتاح معرض زهور
- آسفة لطلب ذلك ،ولكن هل لي في استخدام دورة المياة ؟
كانت النسوة يطلبن ذلك وقد احمرت وجوهن خجلا ، عند بوابة دار ريفية ، شديدة التواضع .وعندما يمضين إلى مؤخرة الدار كن يجدن دورة المياة عتيقة وقذرة ، تتدلى حولها حصر من القش .
تفتق ذهن أحد الحاضرين عن خطة ، عندما أدرك مدى شعور نسوة "شندرا" بالكرب والضيق ، وبنى دورة مياة صغيرة ، وعلق لافتة كتب عليها بحبر أسود " دورة مياة – أجرة الاستخدام عشر ليرات " وخلال موسم الاستمتاع بمشاهدة الزهور حققت دورة المياه نجاحا مذهلا .وغدا ذاك الرجل ثريا .
قال أحد الاشخاص، وقد استبدت به الغيرة من هذا الرجل ، الذي يدعى "سعدون " ، محادثا زوجته :
- أصبح بندور ، مؤخرا ،ممن يملكون مبلغا جسيما من المال ، بفضل دورة مياهه المعدة للاستخدام بأجر .أحسب أنني سأقوم ، في الربيع المقبل ببناء دورة مياه ومنافسته في عمله حتى القضاء عليه . ما رأيك في ذلك ؟
- سيكون ذلك تقديرا سيئا للأمور من جانبك ، فربما تبني دورة مياه ، ولكن " بندور " هو الذي كرس عملا غدا مستقرا ، وله زبائنه ، وستكون أنت القادم الجديد ، وإذا لم يقدر لعملك الإفلاح في منافسته فسوف تغدو أكثر فقرا .
- ما يغيب عنك هو أن دورة المياه التي أفكر فيها لن تكون قذرة ، كدورة مياه بندور.لقد سمعت أن حفل شرب الشاي غدا رائجا في العاصمة ، ولذا فإنني أعتزم إقامة دورة المياة على غرار أسلوب بناء الغرفة التي يقام فيها حفل الشاي .وفي المقام الأول ، وبالنسبة للأعمدة الأربعة فإن كتل خشب "الزان" ستكون قذرة ، ولذا فإنني سأستخدم خشب "السنديان" .وسيكون السقف من البردي ، ولسوف استخدم سلسلة سميكة بدلا من الحبل .فكرة ،ألا تعتقدين ذلك ؟ ولسوف أحدث نوافذ تحت مستوى الأرضية . والقواعد ستكون من خشب "الجوز" ، وستطلى الجدران بطبقتين من الجص ، وسيكون الباب من خشب السرو .
ولسوف أكسو السقف على نحو متداخل بخشب الأرز،واستخدم حجر "الاحمر" للدرجة التي يصعد بها إليه ، وسأجعل حوله تعريشة من الخيزران ،وإلى جوار حوض الغسيل الحجري ، سأغرس شجرة من أشجار الصنوبر الأحمر .ولسوف أبنيه لاجتذاب السكان ، وكل المدارس الأخرى التي تقام وفقا لقواعدها حفلات الشاي .
استمعت الزوجة لما يقوله الرجل ، بذهن شارد ، ثم قالت متسائلة :
- وكم ستتقاضى على استخدامه ؟
أفلح الرجل بشكل من الأشكال ، وعبر الكثير من العناء ، في بناء دورة مياة رائعة ، في الوقت المناسب لمعرض الزهور .وكتب بأسلوب استعراضي : " دورة مياه – أجرة الاستخدام عشر ليرات " .
اكتفت نساء المدينة بالتحديق في دورة المياه ، على نحو يوحي بالتوق لاستخدامه ، ومضين يحدثن أنفسهن بأنه أجمل من أن يستخدمن ، فلطمت امرأة الرجل الأرض بقدميها غاضبة ، وهي تقول :
- هل رأيت ؟ ذلك هو السر في أنني قلت لك إن عليك ألا تبنيه .لقد استثمرت كل ذلك المال ، والآن ما الذي سيحدث ؟
ليس هناك ما يدعوك إلى كل هذا الغضب . غدا عندما أتجول لاجتذاب مستخدمات دورة المياه ، فإنهن سيتجمعن مثل صف من النمل .
في الصباح استيقظ الرجل وارتدى المعطف ، وبادل زوجته النظر مبتسما ، وقد لاح الحزن في عينيه :
- طيب يا أم البنين ، لقد قلت لي أن هذا حلم ، حلم أحمق . واليوم سترين ما إن أقوم بجولاتي ، حتى تقبل الزبونات جماعات
حدثت زوجة الرجل نفسها بأن الأمر كله غريب ، على نحو فظيع .كان قد قال إنه "سيقوم بجولات " فهل يعتزم التجول في العاصمة صائحا " دورة مياه ! دورة مياه ؟! ".
وبينما هي غارقة في تساؤلاتها أقبلت فتاة وألقت عشر ليرات في صندوق النقود ، وولجت دورة المياه ، وبعد ذلك أقبلت الزبونات ، إحداهن إثر الأخرى دون انقطاع ، فتحيرت الزوجه ، واتسعت عيناها دهشة .
- هذه هي المرة الأولى التي تتحقق فيها أحلام زوجي
سرت المرأة أشد السرور ، فاشترت بعض العصير ، ومضت تنتظر قدوم زوجها ، ولكنها فوجئت بجثته تحمل إليها على نحو يثير الشفقة.
- مات في مرحاض "بندور" ، من مرض الجرب على ما يبدو .
كان الزوج قد بادر ، فور مغادرته داره في صباح ذلك اليوم ، بدفع ليراته العشر ، وولج دورة مياه " بندور" ، وأحكم اغلاق الباب .وعندما يحاول أحد الدخول كان يصدر نحنحة تفيد وجوده بالداخل . واستمر هذا إلى أن وصل حد التخشب في جلسته بدورة المياه .
zahran
zahran

عدد الرسائل : 2
العمر : 60
الموقع : نغبين
تاريخ التسجيل : 11/03/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تـجـارة مُــهلكــة  من وردان Empty هالقصة ظريفة

مُساهمة من طرف راميز السبت أبريل 12, 2008 2:08 pm

ذكرتني بقصة للكاتب التركي الكبير عزيز نسب

راميز

عدد الرسائل : 3
العمر : 62
تاريخ التسجيل : 01/04/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى